” لا قانون يعلو على قرارات الوالي ”
لم نتوقع أن هذه السلسلة ستُثيرُ كل هذه الضجة، وهذا السيل من المتابعة لدى الرأي العام الشمالي، وفي أوساط أطر وموظفي ولايتنا الشريفة، حيث توصلنا بسيل من المراسلات والتلميحات بعقوبات آتية، أو ما علق عليه أحد المتعاونين مع بعض الجهات ب ” تجباد الودنين”.. ونحن نخوض هذه التجربة عبرنا علنا ومنذ الحلقة الأولى أن منبر “شمال بوست” يلتزمُ بمبادئ الصحافة الهادفة التي تبحث عن الخبر بهدف تنوير الرأي العام وتقريب المواطن من المؤسسات العمومية المشرفة على تدبير شؤونه، نصبو وبتواضع إلى المساهمة في التأسيس لصحافة التحقيق والتحليل والمتابعة الرزينة، ولا نخشى في ذلك لومة حاكم.
نتابع في هذه الحلقة موضوع تدبير شؤون الولاية ونقف عند موضوع التعيينات الانتقائية لثلاثة رؤساء مصالح بعمالة تطوان، والتي أثارت سخط الموظفين من كيفية تدبيرها المتنافية مع روح دستور 2011، وكل المراسيم المنظمة لذلك، والتي تناولها في حينها موقعنا بعد التدقيق في الخبر ومصادره والاتصال بمجموعة من موظفي الولاية وبعض المرشحين الذين عبروا عن مشاعر السخط والغبن والحسرة من طريقة إقصائهم بأسلوب لم يعد ساريا حتى في الشركات الخاصة.
تبدأ روايتُنا مع إعلان ولاية تطوان عن لائحة المترشحين المقبولين لإجراء المقابلة الانتقائية على صعيد إقليم تطوان لشغل مناصب رئيس قسم العمل الاجتماعي، ورئيس قسم الجماعات المحلية ورئيس قسم الشؤون القروية، القرار الذي يحمل رقم 89 والمؤرخ بتاريخ 21 أبريل 2015 ويحمل توقيع والي تطوان وعامل إقليم تطوان بالنيابة “محمد اليعقوبي” حيث يحسم بناء على لائحة من القرارات العاملية (39، 40 و41) باختيار اللجنة الانتقائية المنعقدة في نفس اليوم الذي صدر فيه القرار الذي يحمل توقيع الوالي لثلاثة مرشحين مقبولين لإجراء المقابلة الانتقائية لثلاثة مناصب شغل (شكون فهم شي حاجة ؟؟).
الأمر الوحيد المفهوم أن اللجنة اختارت مرشح لكل منصب وأقصت الباقي.. وتحصيل الحاصل أن مقابلة الانتقاء لن تغير من قرار تعيينهم في شيء، وقبل أن نعود إلى المرجع القانوني الذي تلافى قرار الوالي ذكره، نُشير إلى أن منطق المقابلة الانتقائية يقوم على أساس اختيار مرشح واحد من بين مُرشحيْن أو أكثر عن كل منصب تتوفر فيهم الشروط المنصوص عليها في المرسوم المنظم، وفي الإعلان العاملي عن المنصب، أما أن تختار اللجنة مرشحا واحدا عن كل منصب بمعدل ثلاثة مرشحين لثلاثة مناصب لتنتقيهم في مقابلة انتقائية، فهو الضحك البيِّن على الذقون ولايعدو أن يكون قرارا بالتعيين للموالين بالتحايل الغبي على القانون والسبب حسب أحد ضحايا الإقصاء ” أمرٌ في نفس يعقوب” ويعني بيعقوب جناب الوالي اليعقوبي.
أما فيما يخصُّ السَّند القانوني الذي تم التحايل عليه فيعود للفصل 90 من دستور 2011 والمادة السادسة من مرسوم رقم 681ـ11ـ2 الصادر في 25 نوفمبر 2011 المنظم لكيفية تعيين رؤساء الأقسام والمصالح بالإدارات العمومية المنشور في الجريدة الرسمية عدد 6007 مكرر بتاريخ 27 ديسمبر 2011، حيث تنصُّ المادة المذكورة على ما يلي:
” تعلنُ كل إدارة عمومية، وجوبا عن مناصب رئيس قسم ورئيس مصلحة الشاغرة بالإدارة المركزية واللاممركزة، وتفتحُ باب الترشيح في وجه جميع الموظفين والموظفات العاملين بها بقرار يصدر عن رئيس الإدارة… وتعلنُ الإدارة بعد دراسة ملفات الترشيح عن تاريخ ومكان إجراء مقابلة الإنتقاء عبر وسائل النشر المدكورة في الفقرة السابقة..”
كما تنص المادة الخامسة من نفس المرسوم على شروط المشاركة وتحددها في الأقدمية والدرجة والكفاءة الأكاديمية، والتي بناء عليها يتمُّ اختيار المرشحين الذين تتوفر فيهم هذه الشروط عن كل منصب ودعوتهم للمقابلة الانتقائية لإختيار الأكفأ.
كما تنصُّ المادة 10 من نفس المرسوم إعداد اللجنة لتقرير نهائي حول نتائج المقابلة الانتقائية يتضمن أسماء المترشحين الذين تمّ انتقائهم حسب الاستحقاق ليُعرض على رئيس الإدارة المعنية قصد المصادقة عليه، وتضم اللجنة وجوبا حسب المادة 9 من نفس المرسوم امرأة واحدة على الأقل تشغلُ أحد مناصب المسؤولية.
الخلاصة الواضحة والبيِّنة من كل ماسبق أن الولاية الشريفة تواصل التدبير في تنظيم إدارتها بنفس منطق الصفقات الذي تعودت عليه مصالحها وسبق أن أشرنا له في الحلقات السابقة، وأن جناب الوالي يختار للمسؤولية من يتوفر فيه شرط الموالاة والتنفيذ والدرك الأسفل من الكفاءة، ومصادرنا تُؤكد أن مرشحين من وزن ثقيل تتوفر فيهم كل الشروط لتبوأ المسؤولية تم إقصاءهم من المقابلة الانتقائية، واختارت اللجنة مرشح واحد لكل منصب، الأول من مستوى تقني من الدرجة الأولى لرئاسة قسم العمل الاجتماعي (س ه)، و الثالث متصرف من الدرجة الأولى لمنصب رئيس مصلحة التنمية القروية (م ب).
طبعا لاحظنا بعد القراءة الدقيقة لقرار الوالي بشأن الاعلان عن تاريخ ومكان إجراء المقابلة الانتقائية ولائحة المرشحين لشغل مناصب المسؤولية، أن المكلفين بتدبير هذا الملف حاولوا جاهدين تدارك الخروقات بتفسير المرسوم المنظِّم في حدوده القصوى، وعلى رأي أحد العارفين بشأن التعيينات في الولاية الشريفة ” جبّْدو المرسوم حتى كان علاين يتقطّع “ ولا تختلف طريقتهم هذه عن التي ينتهجها قسم البرمجة في مجال الصفقات.. كما لم تتوانى بعض الجهات في تحريك خلايا التشويش التي تشكلت سابقا في حضن الولاية لتمييع حركة 20 فبراير واختراقها، ومنها خلية الفواكه الذائعة الصيت التي لم تتواني في نشر التكذيبات والإشاعات ضد هذا الموقع المتواضع (وسنُخصِّص حلقة خاصة لهذه الخلية وخلايا أخرى بالتفاصيل عن طرق اشتغالها وأعضائها).
مهما كانت ردود الفعل، ومهما تعددت خلايا الردع والتكميم والتشويش، سنواصل في هذا الموقع نشر الخبر الصحيح المعزّز بالمصادر والوثائق، ولن نسقط في ردود فعل انتقامية.. وسنظل أوفياء لخطنا التحريري الهادف والملتزم بمبادئ المهنة والبحث عن الخبر بهدف المساهمة من موقعنا في ترسيخ الديموقراطية وسيادة القانون.
انتظرونا في الحلقة القادمة لاستكمال ملفات سابقة توصلنا بمستجدات مثيرة بشأنها.