في الوقت الذي اعتقد فيه بن كيران أن شعبيته في تزايد مستمر وكل التكهنات تضع حزبه في موقع متقدم في أي استحقاق مقبل، إذ به يفاجئ بنقد من خصم هام، حيث كان منهمكا وهو يتابع مغامرة ومخاطرة الوردة التي قدمها وزيره لمعشوقته في عيدها الماسي، مع تكاليف التمر والحناء … وكل ما يلزم التقاليد المرعية، أو بالرهان على أخذ رؤوس أعراف للإنتشار والتجدر تعميقا للنقاش وتوسيعا للقاعدة .
أو كما يقول مسامير الذاكرة العاشق يلقاها يلقاها.. كانت سخريته لاذعة حين تأكد أن الخصم يملك الحجج والأدلة في المعركة ، فلم تنفعه قصة الإفك ، ولا جيش الإنكشارية من كسب الرهان، خسر المعركة أمام الذكورة الزائدة ، وهو يتماهى مع الأوصاف بأبشع الاوصاف لأنه كان انتقائيا في اختيار اللحظة والافكار والمواقف والدلالات وفق استراتيجية الزهو وهي الذكورية بامتياز كبير، وموجهة بمنطلقات لا تخلو من تكريس السائد والرجعي والمتخلف فيه ، حين ترافقه زوجته وأمه إلى طلب يد الحريم العجوز ، مادام أنه ليقوى على اقتحام المسكوت عنه وتسليط الضوء على كل الوجوه المعتمة للمفارقة الكامنة في التاريخ الشبقي الاسلامي كي يجد مخرجا لفعلته ؟
لم يوضح للمتلقي بعض المصطلحات مما قد يخلق عنده من التباسات خطيرة تؤدي الى مغالطات تاريخية، كما قد تسدل الستار على التمفصلات الأنية والثقافية والسياسية والدينية بين الأبعاد البنيوية والوظيفية لتفاعلات السلطة والمقدس والجنس من أجل البحث عن الرخاء ورغد العيش والمعيش على حساب العامة ، وإلا لماذا تجاهل منجزات المدونة التي قيدت التعدد وجعلته مستحيلا تحت رعاية سامية ، لكن أصبح الآن متاحا ومباحا بمباركة حكومية ، الشخصيات العمومية تنشر القيم ، وتقدم نفسها كنمادج لمواجهة التعثرات فيما يعرقل التحولات ، لكن حكومتنا كالعادة ضد التيار ، لم تعي وتتعلم أن زلة العالم زلة العَالم ؟ لم يعد يعني المرأة الحرة التي تحمي كرامتها و حريتها مقابل الأمة، وكانت الحرة في الحريم تعني الزوجة الشرعية التي تنحدر غالبا من أصل ارستقراطي وذلك عكس الجارية التي كانت تشترى من طرف السيد في اسواق النخاسة وبمباركة الإنكشارية وزغاريد العبيد. إن الحرية تتجذر لدينا في الذاكرة من المطالب والصراع من أجل تحرر الفرد واستقلاله واختياره لمستقبله بإرادته الفردية بدون تزكية من أحد ؟.”
لم أعر هذا التوضيح أدنى اهتمام بسبب الوهم المفرط الذي صدقه العديد والذي أوصى هؤلاء إلى سدة الحكم ، وأنا أتذكر مسيرات “الربيع العربي” وهي ترفع شعارات الحرية والكرامة ووالعدالة ، وقلت في نفسي أين هي كرامة المرأة التي تجبر فلإحتفال بزفاف زوجها ، قلت لحبيبتي يمكن للمرأة أن تخطب لزوجها ؟ قالت كن متأكد سوى إذا كانت مجبرة وتحت التهديد . تأكدت أن مخاطبتي لها كرامة والبقية عبيد أو أمة ؟ يجب أن نتكلم عن الحرية بدون عقدة النقص التاريخية التي رافقت حركة تطورالمجتمع ، الحرية ليست هي التعدد الذي ينشده الفقيه بمباركة من الجهل المقدس . وحتى لو قبل منا هذا الفهم القاصر والوعي المحدود و التقدير غير الدقيق والخاطئ والبعيد عن الموضوعية التاريخية والاجتماعية .. للمعنى الحديث للحرية فماذا يمكن أن تقول عن نقيضها المقبول جزئيا أو كليا بشرع المقدس المؤسس للسلطة والمتاجرة إنها النخاسة الطهرانية في زمن الفساد والإستبداد ؟
والسؤال أو الأسئلة التي لا تكف عن دق الاجراس ماتزال تطرح نفسها بإلحاح. ما الذي يجعل المسؤول الحكومي يبحث عن التعدد ؟ ما هي دواعيه؟ هل التعدد بالصيغة المقدمة للرأي العام ، بمثابة القشة التي يمكن أن تهدم المعبد بمن فيه وما فيه؟
لقد كنت عاجزا عن قول الحقيقة عن الذات ولم تمتلك شرطها الأساسي: الشجاعة. ولم يكن هناك شيء عظيم تخاف خسرانه إلا عبودية الكرسي للإستمرار في الكلام من موقع عالي ، عبودية رمزية و ثقافية مقدسة تضغط على القلب والعقل وتحول بينك وبين أن تكون انسانا حقيقيا يمتلك حريته وتنتصر على ثقافة الخوف التي ولده الجنس لحظة الإنتشاء , فلم يبقى من الود والبد أن تعلن الإقتران وتطلب منا التصديق والإحتفال ، لم تحاول على الأقل إخراج ما يغلي في داخل الحركة النسائية المغربية وهي تؤرخ لحقوق المرأة ،لأن” ملك اليمين”كانت تحضر بقوة وتفرض تساؤلاتها الشرسة التي تجعلك عاريا أمام الحقيقة، وتحاول بشتى الوسائل الدفاعية المرضية الهروب من عورتك النفسية والفكرية التي تتجاوز الشرع ، لكن تسقط في المحظور ، في شدتها وعنفها الداخلي كعدوانية ضد من ساندتك وضد من كان خلف معشوقتك ؟ إنك ترفض بمنطق ثقافة قداسة الخوف والجهل أن تنظر إلى وجهك وأن تمعن في التحصن داخل رجولتك وذكورتك خوفا من بصمة العشق أو الذكورة المنبوذة. فلا شيء يعصمك اليوم أو غدا من طوفان حرقة أسئلة العقل النقدي. ألم تكن تشعر بأرضية حقوق المرأة بما فيها كرامتهن .كانت الأسئلة تتلاحق كيف أصبحت الوزيرة جارية ؟ ومن حرمها من حق الحرية ؟ كيف يمكن لعنف المشاعر والتنكر للماضي المشترك أن يكون شرعيا ومقدسا؟ وهل الله حقا يبارك هذا الحمق أو العشق الحلال في حق الانسان فيباع ويشترى ويستغل ويكره على الجنس…؟.
كيف تحدثت عن السلطة والجنس والمقدس والحقيقة، فساهمت من حيث لا تدري في تزييف الحقيقة، وبالتحديد في إغناء الموروث الثقافي في بعده الايحائي السميائي الجنسي، إنه محكي التاريخ الذي تتستر قوى السلطة والمقدس على حجبه وإخفائه بمرونة التباسات المقدس، كمعتقد ايماني يبرر الخضوع والمذلة والمسكنة والخنوع والقهر والتحكم في الأجساد والأحاسيس.
هل رأيت الآن حجم المأساة التي يحمل عبئها هذا الكائن إنه المرأة. فهو معنا تحمل ويتحمل مسؤولية فضح أسس وآليات العهر عند الرجال.
لا تنسى بأنك خدعت نفسك ومن جاراك في لعبتك ، ولم تنصت بجرأة حقيقية لما يعتمل في أعماقك وتكون في مستوى التحدي الذي تطرحه أسئلة الهوى فاخترت السهل الممتنع لكنه الغبي في المآنسة والمضاجعة…
وإلا لماذا مررت مرور الجبناء على التساؤل الملح الذي طرحته نساء المغرب في التعدد والمآنسة، ضد مضمون جديد للذكورة.