مصطفى مزواق فنان متواضع، يمتلك صوتا شجيا، يعرف كيف يختار كلماته وأـلحانه، يمتلك روحا طيبة ونقدية في الوقت عينه. التقت به ” شمال بوست”ه وهو منشغل في نهائية مسابقة مواهب الغد لجمعية مهرجان الحمامة بتطوان في نسخته 2015 ، فكان هذا الحوار:
* باعتبارك عضوا في لجنة تحكيم مسابقة مواهب الغد، ماهو تقييمك لهذه التجربة ؟
** لقد كنت عضوا بلجنة التحكيم سنة 2013 بمدينة المضيق بدعوة من الفنان عادل الشمالي مندوب النقابة الحرة للموسيقيين المغاربة بجهة طنجة تطوان حيث اكتشفت صوت الشابة يسرى أحمد ( إحدوثن) التي تنبأت لها آنذاك بالتألق في دنيا الغناء. كما ترأست في السنة الفارطة لجنة التحكيم حيث برزت الشابة سهيلة أمين وزهير العشاب ( أندروس) وريم موسليك في مدينة المضيق أيضا. أما هذه السنة فكان الأمر أكثر جدية وإشعاع حيث ظهرت أصوات جميلة وعذبة أعادتنا إلى الزمن الجميل الذي افتقدناه، وقد كانت تنافسية شديدة وشريفة بين المرشحين في الإقصاءات الأولية وفي ربع النهاية ونصف النهاية والنهاية التي توجت بفوز مستحق لكل من سهيلة حسون وزهير العشاب ورضا ولطفي كل في مجاله، الإغنية العربية والراب والغربي.
كما تأسفت كثيرا لعدم حضور التلفزة المغربية لتغطية هذه السهرات التي كانت في مستوى جيد خصوصا وبلادنا تتوفر على قنوات الأولى والثانية تنفق أموالا لا يستهان بها على سهراتها، في حين سوف لا يكلفها تصوير هذه السهرات أي سنتيم وفي نفس الوقت ستقوم بدورها في اكتشاف مواهب واعدة خارج استوديوهاتها، فتلك الأصوات وتلك الجهود التي بذلت بكل حب وسخاء تستحق كل تقدير وتنويه واهتمام بمواهب الغد والقيمين على هذا العمل الجبار الذي أخذ منا الساعات الطوال كي نقدم فنا راقيا بهذه الأصوات الواعدة والمجتهدة في ميدان الفن النظيف. والحديث يطول… ولاننسى جنود الخفاء الذين يؤطرون المواهب الفنانين عادل الشمالي، معتز أبو الزوز، وفاء العسري، التهامي الحراق، عبد الكريم الجبلي، جمال العاقل والفرقة الموسيقية التي تقضي الساعات الطويلة في التمارين مع المواهب.
* كيف تنظر إلى الواقع الغنا ئي بالمغرب بصفة عامة، وتطوان بصفة خاصة ؟
** حالنا في تطوان هو نفس الحال في باقي مدن المملكة المغربية، فعندما يغيب الدعم للأعمال الجيدة الراقية التي تشرف بلدنا الحبيب الضارب في الحضارة والعراقة يضطر الفنان أن يلتجئ للكلمات التي تثير الجسد بدلا من الروح، والأنغام والإيقاعات السطحية السهلة التي تدر أرباحا طائلة على المستوى المادي ( التجاري)، فمنهم من يقوم بذلك مرغما من أجل لقمة العيش، ومنهم من يلتحق بالملاهي الليلية، ومنهم المحظوظون الذين يتم المناداة عليهم باستمرار للمشاركة في المهرجانات سواء المحلية أو الوطنية أو الدولية، بينما المحافظين منهم من يعتزل الفن، ومنهم من يستمر بالميدان رغم العراقيل و التهميش والإقصاء وغياب الدعم، وذلك وفاء لبلدنا الحبيب الذي عرف دائما بالإبداع والتألق سواء في الأغنية أو المسرح أو الإبداع أو التشكيل أوالشعر والزجل وغيرها من الفنون الجميلة التي يزخر بها بلدنا الصغير تطوان والكبير المغرب.
* هلا حدثت قراء “شمال بوست” عن تجربتك الفنية ، وماهي أهم علاماتها ؟
** كيف لي أن أتحدث عن تجربتي الفنية التي فاقت مدتها خمسة عقود من الكفاح المتواصل دون توقف، فقد بدأت في سن مبكرة أواخر الخمسينات أكتب كلمات أغنياتي وألحنها باللهجة المصرية قبل أن أتعلم العزف على آلة العود بمعهد الموسيقى سنة 1958، وبعد ذلك، قدمت بعض الأغاني مع طلبة المعهد بمسرح مينومينطال، ولكن انطلاقتي الحقيقية كانت من على خشبة مسرح إسبانيول سنة 1964 عندما قدمت أغنية ” أنا والخيال” من كلماتي وألحاني ونالت نجاحا كبيرا لدى الجمهور التطواني، حيث اتصل بي في الكواليس بعض المعجبين الذين ألحوا علي بتقديم أغنياتي بالإذاعة، وقد فعلت ذلك في اليوم الموالي حيث طرت إلى مدينة طنجة واتصلت بمدير إذاعتها المرحوم مصطفى بنعبد الله الذي رحب بي وسمح لي بتسجيل أربع أغاني كلها من كلماتي وتلحيني. وقد طلب مني المذيع و المنتج المرحوم محمد أحمد الغربي إجراء حوار معي في برنامجه “مع الشعب” حيث قدمت فيه إحدى الأغنيات المسجلة وبعد يومين استمعت لأول مرة إلى صوتي على أمواج إذاعة طنجة، وفي أغنية من إنتاجي المتواضع.
ومن هناك كانت انطلاقتي الفنية التي عرفت عراقيل كثيرة مع لجنة الكلمات وقسم الموسيقى، حيث كنت أقوم برحلات مكوكية من حين لآخر بين طنجة والرباط وفاس والدار البيضاء، حيث في كل مرة بعد شق الأنفس أحصل أولا على تأشيرة بالموافقة على الكلمات، ثم تأشيرة أخرى من قسم الموسيقى لكي أسجل صحبة أحد الأجواق التابعة للإذاعة الوطنية في فاس أو الدار البيضاء، ثم بإذاعة طنجة وإذاعة تطوان بعد إعادة فتحها سنة 1984، حيث في هذه الفترة كنت أسجل أغنياتي صحبة جوق الهلال التطواني وكذلك جوق الشباب باستوديوهات إذاعتا طنجة وتطوان في المناسبات الوطنية وغيرها من الأغاني العاطفية والتربوية.
وقد كان لظهور التلفزة دور كبير في استمرار يتي وإنصافي بين الحين والآخر من طرف قسم الموسيقى ولجنة الكلمات حيث ألجأ إلى التلفزة كلما قفلت في وجهي أبواب الإذاعة حيث شاركت أربعة عشرة مرة ببرنامج ” مواهب” للمرحوم الأستاذ عبد النبي الجيراري بدءا من سنة 1967 وسهرات مع الأقاليم للإعلامي الأستاذ خالد مشبال سنتي 1969 و1970، بمناسبة الذكرى الأربعينية لميلاد الملك الحسن الثاني حيث قدمت أغنية بهذه المناسبة من كلمات المرحوم حسني الوزاني وتلحيني وأدائي… ثم توالت المشاركات في برامج: نادي التلفزة لمحمد شقور، برنامج ألفين لخالد مشبال ومحمد شقور، سباق المدن، يوم في ربوع بلادي لمحمد بزجنة، وتصوير أغنياتي باستوديو التلمساني بالتلفزة المغربية وذلك في الفترة الزاهرة حيث كان التطوانيان الأستاذ أبو بكر بنونة مديرا عاما للإذاعة والتلفزة المغربية والأستاذ خالد مشبال رئيسا لبرامج التلفزة آنذاك.
وبعد كل هذا المجهود المضني تبقى أغنياتي العديدة والمتنوعة غائبة عن التقديم رغم وجودها رسميا وبعد مرورها على لجنتي الكلمات والتلحين بخزانة الأغاني بالإذاعة الوطنية والإذاعات الجهوية في الوقت الذي تذاع فيه باستمرار أغاني زملاء آخرين، وحتى إذا تم تقديمها لا يذكر إسم كاتبها وملحنها وأحيانا لا يذكر حتى إسم مغنيها ويا للأسف.
* ما هي أعمالك الفنية والغنائية الجديدة ؟
** لي أغاني عديدة لحنتها وغنيتها وسجلتها بفرنسا أثناء مشاركاتي العديدة هناك ما بين سنوات 89، 92، 93،99، 2001، 2003، 2006. وقد لحنت في السنتين الأخيرتين اربع أغاني، إثنان منهما للشاعرة المتألقة بهيجة البقالي القاسمي، هي ” أشتاقك قبل وداعك”- (أحبك)، والثانية ” محظوظة”، ومن تأليف الاستاذ حسن بيريش قصيدة ” هي ماسواها”، وللزجال الأستاذ مصطفى مشبال “فبحور عينيك”، ولي أغاني أخرى منهمك في تلحينها وهي من تأليف الأساتذة حسناء داود، سعاد الناصر، سعيد نعام، رشيد الخياط، رشيد الميموني، عبد الخالق آيت الشتوي، وشيخ الزجالين التطوانيين الأستاذ مالك بنونة في أغنيتين هما: ” بكحول عينو”و” محبوبي خصو الكمرة” ( حسرة) ولكن…
* سبق لك أن حصلت على عدة جوائز. ماهي ؟
** سبق لي أن حصلت على عدة جوائز، منها: أغائبة عني سنة 1975 بمهرجان ابن زيدون بمناسبة الاحتفال بذكراه الفنية على المستوى العربي من تنظيم وزارة الثقافة المغربية، وهي من شعر ابن زيدون القرطبي. وجائزة المهرجان الأول لأغنية الطفل بالرباط سنة 1994، عن أغنية ” عطلة سعيدة”، وهي من كلمات المرحوم حسني الوزاني، كذلك حصلت على جائزة التلحين بمهرجان أنغام المنظم من طرف الإذاعة الوطنية عن أغنية “رحمة يا غزالا”، وهي مش شعر محمد بن محمد العلمي… كما كانت لي مشاركة بمهرجان الأغنية المغربية بمسرح محمد الخامس بالرباط سنة 1987 عن أغنية ” عيونها” للشاعر عنيبة محمد الحمري صحبة جوق وزارة الثقافة.