ليس من باب التنظير والتبصير ينبع الاجماع اللبناني بكافة اطيافه حول رد حزب الله على اعتداء القنيطرة بانه واقع لا محالة ولكن ليس من الباب اللبناني ذلك ان الحزب وفق مصادر معينة يعي بان المقصود جراء هذه الهجمة الاسرائيلية ليس الساحة اللبنانية فحسب
انما ابعد منها بكثير لتطال المفاوضات الجارية بين ايران والمجموعة الدولية وهي اهم بكثير بنظر الاسرائيليين من مسألة غارة على القنيطرة وما تحرك بنيامين نتنياهو الوقح كما وصفته الادارة الاميركية تجاه الكونغرس ومحاولة فرض نفسه ضيفا يلقي كلمته امامه احتجاجا على شبه نجاح لهذه المفاوضات، هذا هو الهدف الاساس تقول هذه المصادر بالرغم من تأكيد الحزب على لسان مسؤوليه الكبار ان الحزب هو المستهدف وهذا الكلام ذكي كي تبقى اسرائيل في جو دائم من القلق والرعب، وبالرغم من كون المقاومة الاسلامية هي التي ستتولى الرد المناسب بالتنسيق والمساعدة الايرانية – السورية مع الاخذ بعين الاعتبار وبشكل واسع امكانية ان تكون اسرائيل تريد نصب الافخاخ ليس للحزب فقط انما لايران بالذات التي تقف على شرفة اتفاق تاريخي مع الدول الكبرى وهي اذا ما جعلت الحجر كبيرا لرميه نحو اسرائيل ليستتبع ردا كبيرا ثم ردا موازيا.
واشارت المصادر الى ان الاتفاق الذي تريده ايران معرض للوقوع في هذا الفخ الاسرائيلي، ولكن هذه المصادر تعي ان ايران تعرف جيدا اين تقع مصلحتها الاستراتيجية مع عدم ترك الرد العنيف على هجمات القنيطرة يمر، فلا الحرب المفتوحة مطلوبة بفعل امكانية توسعها في هذه اللحظات الحرجة لا تخدم الملف الايراني ولا السكوت وارد مهما كانت الظروف وان اسرائيل بواسطة اعلامها حاولت ان توحي بالندم او الخطأ الذي وقع دون تخطيط وهذا الكلام بحد ذاته يحمل في طياته مؤامرة لا يمكن تمريرها او تصديقها، لذلك فان كافة هذه المعطيات ترى فيها هذه المصادر رسما بيانيا لخريطة الضربة المضادة لحزب الله نحو اسرائيل والتي ستكون اوسع من حيث الضراوة واشرس من حيث الهدف وان اسرائيل تعلم ان توقيت عمليتها يسمح بالرد ضمن عدم فرط قواعد اللعبة الكبيرة والا ما كانت اقدمت عليها.
وتقول هذه المصادر ان رد المقاومة سوف يكون نوعيا ومن جملة الاهداف الموضوعة سلفا في رزنامة الحزب على فرضية الحرب المفتوحة الدائرة بينهما منذ عشرات السنين وعلى اولياء الامر في المقاومة وزن الهجمة او الهجمات المضادة وفق ما يتوافق مع الثأر لمقاوميها واكثر بقليل، وبالتالي فان الوقت سيلعب دوره بشكل اساسي حول زمن الضربة النوعية للمقاومة وسوف يأخذ وقته من التخطيط والدراسة كي يرتاح جمهور المقاومة المنتظر منها ما يبرد قلوبه بعد خسارته لنخبة من قيادات الصف الاول، وفي مطلق الاحوال تجزم هذه المصادر ان شعبية المقاومة والحزب سوف تكون راضية تماما عن نتائج العملية او العمليات تجاه اسرائيل.
وفي المقابل تقرأ اوساط سياسية في رد الحزب انه سيكون مزلزلا انطلاقا من كون المقاومة لم تشف غليلها بعد للانتقام من مقتل قائدها العسكري عماد مغنية منذ سنوات لتضاف فوق تلك الجريمة مقتل قادة كبار في الحزب لم تسنح الفرص للرد عليها، فهل تضرب المقاومة دفعة واحدة بما يوازي ثقل مقتل عمادها؟ وهل حان الوقت الذي يفسح فيه المجال للرد في ضربة جامعة ووحيدة؟
هذه الاوساط تجزم بان الرد سيكون مؤلما جدا وشرسا للغاية ولكنه لن يلامس خطوط خربطة اعوام عديدة من العمل بين ايران والدول الكبرى فيما خص الملف النووي، وهذا الامر متوافر لحزب الله ضمن قواعد اللعبة التي تغيرت بعض الشيء ولم يتم نقضها كليا ومن الاساس ولكن هناك هوامش فعلية متواجدة لدى قادة المقاومة بامكانها وبواسطتها عمل الكثير. ولكن لماذا يتوقع جمهور المقاومة ان يكون الرد داخل الاراضي الاسرائيلية وتحديدا من تحت ارض الجليل بما يعطي للمقاتلين وللجمهور دفعا جديدا ووعدا صادقا موازيا لما جرى ابان حرب العام 2006 حيث قلبت المقاومة الموازين وادخلت الى المعركة اسلحة لم تتوقع استخبارات اسرائيل في كشفها. ولكن مع تردد الكلام حول باطن ارض الجليل فان هذه الاوساط ترى في ترك حزب الله هذا الهلع في شمالي فلسطين المحتلة وهذه الخيارات المتواجدة تعطي المقاومة مروحة واسعة لجس نبض القوى العسكرية الاسرائيلية قبل ان تكون المباغتة في ارض ثالثة لا تخطر في بال احد من المراقبين الاسرائيليين الذين يعرفون ان السماء والارض والبحر اهداف مشروعة امام المقاومة وحتى انها متاحة بقوة.