يستمر حساب مجهول الهوية يحمل اسم كريس كولمان في نشر وثائق في غاية الأهمية وذات طابع سري في شبكة تويتر حول الدبلوماسية المغربية ومعالجتها لملفات وعلى رأسها نزاع الصحراء. وتعتبر هذه التسريبات على شاكلة “ويكليكس المغربية” أول حرب رقمية أو حرب الإنترنت التي يتعرض لها المغرب وبدأت تكلفه غاليا رغم التزامه الصمت في تقييم الخسائر بعدما تبين صحة هذه الوثائق المسربة.
وبدأت حرب الإنترنت في بداية الشهر الماضي في شبكة الفايسبوك، حيث بدأت هذه الجهة التي تحمل اسم كريس كولمان24 في تسريب الوثائق الخاصة بالخارجية، واستطاع المغرب إغلاق الحساب، وانتقل كريس كولمان24 الى شبكة تويتر التي بدورها أغلقت الحساب. ولكن بعد مفاوضات سمحت تويتر بفتح الحساب مجددا في أواسط أكتوبر.
ومنذ أواسط أكتوبر الماضي الى غاية يومه الأربعاء 26 نوفمبر الجاري، وكريس كولمان24 يضع يوميا ما بين ثلاثة الى سبعة وثائق خاصة بالدبلوماسية المغربية، مؤكدا أنه يتوفر على آلاف الوثائق علاوة على حساب سري لأشخاص يتعاونون مع الدولة المغربية في إقامة لوبيات في الخارج للدفاع عن الصحراء.
ويؤكد كريس كولمان24 أنه يقوم بهذا للدفاع عن موقف جبهة البوليساريو في نزاع الصحراء. ولهذا تتضمن مختلف الوثائق معطيات حساسة للغاية مثل استقطاب المغرب لصحفيين أجانب في فرنسا والولايات المتحدة للدفاع عن مغربية الصحراء، ووثائق تبرز ملخص المقابلات التي يجريها مسؤولون مغاربة مع نظرائهم في الدول الغربية والأمم المتحدة أساسا. وفي الوقت ذاته، توجد وثائق تتضمن التقييم الذي يقوم بها خبراء الخارجية المغربية لملف الصحراء على المستوى الدولي مثل تطورات الاتحاد الأوروبي تجاه الصحراء، ووضعية هذا الملف في أمريكا اللاتينية وكذلك في العلاقات الأمريكية وتطورات الموقف الروسي بشأن الصحراء منذ عهد الاتحاد السوفياتي الى اليوم.
ويختلف تقييم كيفية وقوع عملية تقييم القرصنة هل تمت لقاعدة بيانات وزارة الخارجية أم لحسابات بريدية خاصة. ومن خلال المعطيات الصادرة عن جهات خبيرة فهي لا تستبعد تعرض بريد إلكتروني لبعض المسؤولين ومنهم نافذين للقرصنة أكثر من تعرض قاعدة البيانات لوزارة الخارجية. وكان الاعتقاد السائد في البدء هو تعرض بريد إلكتروني لأحد المستثمرين في مجال الاعلام، وقد اعترف بذلك كما اعترفت الوزيرة المنتدبة في الخارجية امباركة بوعيدة باختراق جهة مجهولة بريدها الإلكتروني، لكن تحليل الوثائق يؤكد أن العملية أوسع وتشمل أكثر من بريد شخص واحد وقد تكون شملت دبلوماسيين وكذلك موظفين في جهاز المخابرات العسكرية الذي يديره ياسين المنصوري.
ومن خلال البريد الالكتروني في الوثائق المنشور، يتضح أن أصحابها كلهم من الذين يتنقلون بين الدول بحكم العمل في مجال الدبلوماسية أو اللوبيات، وهذا يسهل عملية القرصنة لحسابتهم البريدية لأنهم يتسعملون الإنترنت المتوفرة في الفنادق أساسا وعادة ما يكنون تحت مراقبة استخبارات متعددة منها استخبارات البلد المضيف. ولكن هذا لا يمنع سهولة الدخول الى حسابات عن بعد.
وهناك اعتراف جزئي ونسبي من طرف المغرب بتسرب هذه الوثائق لكنه لم يبدي أي تحرك رسمي لاسيما وأن الجهة التي نفذت القرصنة مجهولة حتى الآن وترفع فقط شعار التعاطف مع البوليساريو، وإن كانت أصابع الاتهام تشير الى جبهة البوليساريو والجزائر دون استبعاد فرنسا.
في غضون ذلك، عملية القرصنة هذه تعتبر أول حرب رقمية وإلكترونية أو حرب الإنترنت يتعرض لها المغرب بعدما كانت هذه الحرب مقتصرة على الدول الكبار بل وتحولت الى أكبر الحروب السرية التي تدور الآن بين مختلف القوى الكبرى وفق الدورية المتخصصة “ديبلوماسي” الفرنسية التي خصصت عددها الأخير لهذه الحرب الخطيرة.
وتتجلى خطورة هذه الحرب في حالة المغرب في ضرب جزء من شبكة اللوبيات التي كان يعتمد عليها في الخارج للدفاع عن مغربية الصحراء بعدما تسرب أسماء تتعاطف معه إعلاميا وفي الأمم المتحدة، وانكشاف كيفية إدارته للصراع مع جبهة البوليساريو والجزائر في المنتديات الدولية.