نظمت اللجنة المنبثقة عن مكتب الفرع بتطوان للإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ندوة رمضانية تحت عنوان ” الديمقراطية في زمن الربيع العربي من تأطير الدكتور عبد الغني السلماني والباحث محمد الأمين مشبال وذلك يوم السبت 19 يوليوز بمقر الحزب .
في بداية تدخله توقف د عبد الغني السلماني على أهمية تحديد مفهوم الديمقراطية باعتباره شكل من أشكال الحكم يشارك فيها جميع المواطنين المؤهلين على قدم المساواة في اقتراح، وتطوير، واستحداث القوانين. وهي تشمل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تمكن المواطنين من الممارسة الحرة والمتساوية لتقرير المصير السياسي.
بعد ذلك تحدث عن الثورات الربيع العربي وعلاقتها بالديموقراطية كقيمة فكرية تؤطر شعارات الحراك حول الحرية والكرامة و العدالة الاجتماعية إنها أيقونة الاستقطاب التي أججت الشارع العربي ، هذا الحراك الذي حرك الماء في بركة الاستبداد سرعان ما تجاوب بإصلاحات ومبادرات ، لكن الرابح لم يكن الشعار المؤسس لحركة الربيع، بل صعود مذهل لما يسمى ” بقوى الإسلام السياسي” وسواء كان المرء يساندها أو يعاكسها، فقد خلق الإسلام السياسي نقاشا حقيقيا على المستوى الإعلامي والأكاديمي والسياسي على الصعيد العالمي . ومع ذلك فإن تنامي الإرهاب والأحداث الأخيرة في مصر وتونس والعراق وسوريا ونيجيريا ومالي تلقي الشك على جدوى الإسلام السياسي ما يدعو إلى التفكير الجاد في مستقبله في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، باعتباره حركة إيديولوجية تسعى لخلق التغيير الاجتماعي في المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة على أسس القيم والمعتقدات الإسلامية.
وتدريجيا، أضحى الإسلام الدين الوحيد التي يسعى إلى دمج العقيدة والسياسة في كيان واحد، وذلك باستخدام استراتيجيات مثل الزعامة الشخصية (الخليفة أو الأمير) ، واستبعاد غير المسلمين وغير الإسلاميين ، مع الهدف النهائي الذي هو إقامة الخلافة الإسلامية(الدولة الإسلامية).
فمن الواضح أن الإسلام السياسي كان يتغذى من الحكومات الغربية أثناء وبعد الحرب الباردة بحجة تشجيعها للتعددية السياسية والديمقراطية ولكن في الواقع هدفها كان ولازال الحفاظ على مصالحها ونفوذها في المنطقة. و بعد فشل جماعة الإخوان في مصر وبلدان أخرى ، ولأن الإسلام السياسي قد اتخذ في الآونة الأخيرة أبعادا دولية وأضحى يستعمل أساليب غير ديمقراطية بل عنيفة ، كما هو الحال في كل من سوريا والعراق واليمن فقد بدأ الغرب يراجع مواقفه واستراتيجياته اتجاه الإسلام السياسي.
وختم الدكتور السليماني مداخلته بالتأكيد أنه حان الأوان لفصل السياسة عن الإسلام، لتفادي مزيدا من الخراب والفوضى والعنف. نعم لـتعزيز الدين باعتباره مسألة شخصية بعيدة عن الشؤون السياسية العامة وكعلاقة بين العبد وربه. هناك حاجة ماسة في المنطقة لترسيخ أسس الدولة المدنية كسد منيع ضد التطرف والعنف الطائفي، ولمنع أي محاولة لتقويض حرية التدين، وإلغاء أي قانون وإدانة جميع حالات التمييز وأي سلوك يشكل انتهاكا لمبدأ المساواة بين البشر.
الاستاذ الباحث محمد الأمين مشبال ،قدم عرضا بعنوان” حركات الاسلام السياسي والموقف من الديمقراطية” ،حيث قدم في البداية تعريفا لمفهوم الاسلام السياسي،باعتباره يمثل “ايديولوجية تعمل على نسخ ولصق بأسلوب انتقائي للنصوص الدينية ولأحداث من التاريخ الاسلامي ،قصد الاجابة على اشكاليات معاصرة وعلى حالة التخلف الحضاري التي يعيشها العالم العربي،وانطلاقا من ذلك تسعى الى الوصول الى السلطة ،بالمزاوجة بين العنف والمشاركة السياسية،قصد اقامة دولة تروم تطبيق الشريعة الاسلامية”.بعد ذلك استعرض العوامل التي ساعدت على بروز وانتشار الظاهرة(سقوط الامبراطورية العثمانية وصدمة الحداثة،هزيمة 67 وتنامي التيار الوهابي المدعم بالبترو دولار، ترييف المدن بارتباط مع أزمة النموذج التنموي والديمقراطي..).
وفيما يخص موقف حركات الاسلام السياسي فلقد اعتمد الأستاذ مشبال على مقاطع من كتاب “معالم قي الطريق”للسيد قطب ومن كتاب “الاسلام في مواجهة التحديات المعاصرة”” لأبو الأعلى المودودي و”حوار مع الفضلاء الديمقراطيين ” للشيخ ياسين ،وأخيرا “وثيقة الرؤية السياسية لحركة التوحيد والإصلاح،2003″،ليخلص انطلاقا من تلك الكتابات،الى كون حركات الاسلام السياسي اما ترفض الديمقراطية بشكل صريح وتعتبرها “كفرا” وتقدم “الشورى ” كبديل لها ،وإما تسعى لتوظيفها واستغلالها عبر اختزالها في جانب اجرائي منها ألا وهو الانتخابات وصناديق الاقتراع ،في حين ترفض أسسها الفلسفية بدعوى “الخصوصية” كما هو الشأن بالنسبة للحق في الاختلاف و التعددية الثقافية والفكرية وحرية المعتقد والمساواة بين الرجل والمرأة…الخ
في الاخير فتح باب التدخلات والاستفسارات التي اسهمت بدورها في اثراء النقاش في تلك الامسية الرمضانية.