يعد جبل تدغين ، الذي تحيط به قبائل صنهاجة اسراير ، أعلى قمة في سلسلة جبال الريف ، وأحد المواقع الطبيعية الخلابة . وبالرغم مما يزخر به من مقومات طبيعية وإيكولوجية وتراثية مميزة ، إلا أنه يواجه ، حسب الفاعلين الجمعويين ، خطر فقدان هذه المقومات في حالة ما لم تبذل جهود للنهوض به وتثمينه .
فبالنظر إلى الغطاء النباتي والغابوي المتنوع (أشجار الأرز أساسا) وينابيع المياه المتدفقة ، والثلوج التي لا تبرح قمته خلال فصل الشتاء ، فإن جبل تدغين الذي يبلغ ارتفاعه 2456 مترا يملك حقا كل المقومات التي تجعل منه وجهة مفضلة للسياح خاصة الباحثين عن السياحة الإيكولوجية وهواة تسلق الجبال والتزحلق . وقال شفيق أدرداق رئيس جمعية أمازيغ صنهاجة الريف ، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء على هامش زيارة نظمت مؤخرا إلى قمة تدغين ، إن هذه المنطقة التي تتوفر على مؤهلات سياحية متنوعة كانت في سنوات السبعينات وجهة سياحية مميزة بالنسبة للأجانب الذين يأتون للإستمتاع بطبيعتها الجميلة وممارسة مختلف أنواع الرياضات. إلا أن هذه المنطقة ، يسجل أدرداق ، تواجه في الوقت الراهن تحديات كبرى تتعلق أساسا بالاستغلال المفرط للموارد الطبيعية خاصة الأرز والموارد المائية مما يشكل تهديدا مباشرا سواء للنظام البيئي أو للسكان ، مؤكدا على ضرورة تحقيق تنمية مندمجة في المنطقة لخلق الثروات ومناصب الشغل للشباب .
من جانبه اعتبر المدير الإقليمي للمياه والغابات بالحسيمة عبد العزيز الدوير أن الغابات الواقعة على مستوى منطقة كتامة تعاني من صعوبات كثيرة تتمثل أساسا في قطع الأشجار بشكل عشوائي وتوسيع المساحات الزراعية على حساب غابات الأرز ، مشيرا إلى أن مصالح المياه والغابات تعمل بتنسيق مع السلطات المختصة على مراقبة ومتابعة الجهات التي ترتكب مخالفات يعاقب عليها القانون .
وأضاف أن المديرية الإقليمية للمياه والغابات تعمل أيضا مع النسيج الجمعوي المحلي لتحسيس السكان بضرورة الحفاظ على الترواث الغابوية مع إيلاء أهمية خاصة للنهوض بالمشاريع السوسيو إقتصادية التي تروم تحسين ظروف عيش الساكنة وحماية الثروات الطبيعية .
من جهته أبرز عبد الإله الشيخي الباحث المختص في تاريخ المنطقة أهمية الحفاظ على التراث الطبيعي والثقافي لهذه المنطقة وإنعاش السياحة المسؤولة ، معبرا عن قناعته بأن الباحثين عن الهدوء التام سيجدون ضالتهم في هذه المنطقة التي توفر نمط حياة أمازيغي أصيل تعكسه الأزياء التقليدية وفن الطبخ والصناعة التقليدية ، فضلا عن شكل البيوت وتقاليد وعادات السكان . وبعدما أشار إلى أن قمة جبل تدغين تضم بناية يطلق عليها بالأمازيغية ” تمزكيدا نربي ” أي (بيت الله) ، ومغارات ، قال إن الجبل يوفر منظرا طبيعيا خلابا ويطل على عدة جماعات قروية منها بني بونصار وإساكن وعبد الغاية السواحل وكتامة ، فضلا عن دوار تماديت .
وحسب فاعلين محليين فإنه رغم توفر المنطقة على مؤهلات طبيعية هامة ، غير أنها تتعرض للاستغلال المفرط ، كما أنها قليلا ما تؤخذ بعين الاعتبار في مخططات تقويم وتثمين المواقع الإيكولوجية ، مؤكدين في هذا الصدد على ضرورة وضع استراتيجية واضحة المعالم تضع العنصر البشري في صلب اهتماماتها ، وذلك حتى يتسنى لجبل تدغين أن يتموقع ضمن الوجهات السياحية الوطنية المميزة.