خيل إلي أنني أنحشر في مسيرة ضخمة يندد كل من شارك فيها بالتكوينات الخاوية، ويقولون كشعارات ” شبعنا من التكوينات الخاوية”، ” مشيوا تق…” ( أكملوا من عندكم الكلمة قاصحة أيها الإخوة والأخوات).
والواقع، إذا كان هناك واقع، وإذا كان هناك من يسمع، لأن هناك من يسمع إلا صوته، ومن هؤلاء من يعجبه أن يغني في الحمام وهو يرى وجهه في المرآة، مع أن صوته ( زفت).
التكوينات الخاوية ما أكثرها، ولا داعي لأعددها. المهم أن نذهب إلا اليوم التكويني بزز، ونتكون، في ماذا؟ كل شيء يتبخر بمجرد الخروج من متاهة التكوين، ولكن جيوب أخرى تنتفخ. من يستفيد، والحالة هذه، من أي تكوين؟…
وأنا أنصح المكونين أن يكونوا من يخضع للتكوينات في هذه الأشياء، ربما يطلع بشيء ما: أن يتكون في السرقة، في الغش، والرشوة، وكيف يكون فعالا في قبض الرشوة من دون أن يفطن به أحد، ويراكم الثروة. وكيف يقهر زميله في العمل، المتوفق عليه، ويأخذ مكانه. وكيف يرتدي أجمل الثياب، ويبتاع سيارة فارهة، بعد أن كان لا يرتدى إلا اللباس الرثة، وكيف يخطف المنتخبين ويسجنهم في فيلا، بعد الانتخابات، ويصرف عليهم من ماله… ولا ندري هل هو ماله فعلا؟… حتى يفوز بمنصب رئيس مجلس أو غير ذلك. وكيف يصرف أموالا حصل عليها بطريقة غير مشروعة على العاهرات والراقصات، وأن يظهر أنانيته ونرجسيته قدام زملائه وباقي الناس، وأن يظلم، ويحتال، وينصب، ويغتصب، ويتحرش جنسيا، ويسلم… وأن يتزوج للمرة الثانية، ويطلق المرأة الأولى، كما يمكن له أن يحتاز عشيقة. وأنصحهم أيضا ولو أنني لا أحب النصائح أن يدخلوا إلى الكازينوهات ويلعبوا القمار، ويتركوا أولادهم بالجوع، وأن يسكروا ويسكروا ويسكروا حتى يتمكنوا من نسيان همومهم ومنغصات عملهم وزوجاتهم. وأن يكونوا كذلك أذكياء، لأن الأذكياء تكونوا قلوبهم كالحجر، خصوصا إذا كان منهم من يتحمل مسؤولية ما،أو بعبارة أوضح، أن يكون مسؤولا، أو، منتخبا مسؤولا، وغير ذلك، ولا يدعم إلا من يعرفه. وكيف يتعلم أن يكون له وجه ” مقزدر”، و أن يعرف كيف يتلون كالحرباء، وأن يمشي في الجنائز، ويدخل الأفراح كي يجمع الأصوات في الانتخابات، ولكن أهم تكوين هو كيفية أن يكون الأول على منافسيه في الكذب، وأن يعرف كيف يمتص غضب رؤساء الجمعيات، باستقبالهم في مكتبه، وأن يرد على أسئلتهم، وأن يكون هو جمعيات تكون سندا له، وفي الخفاء يدبر كل شيء. وأن يتكون في السباب وحفظ الكلمات النابية لاستعمالها. ولكن المكونين ( بكسر الواو)، لن يتفقوا مع المكونين (بفتح الواو) في تنظيم أيام تكوينية للحلم، والمحبة، والعدالة الاجتماعية، والديمقراطية، والنزاهة، والكتابة، ومحاربة الفساد، وإشراك المرأة في مراكز القرار، والفقر، والبطالة، و غير ذلك، إنهم اتفقوا مبدئيا، أن ألا يكونوا من الآن فصاعدا إلا في ما يضر، إلا في الشر، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.