“إن تغييرا لا يقترن بالبنيات الذهنية والثقافية، ولا يقترن بسياق يؤسس لقيم أخرى، يعيد نفس الصراع التقليدي، وبأزمات قد تكون أكثر حدة. وعلى هذا الأساس كان ضروريا التفكير في تغيير البنيات العميقة، بالشكل الذي يرسخ ثقافة تجعل التغير أمرا مقبولا، والتداول على السلطة أمرا ممكنا، والاعتراف بالآخر المختلف سياسيا وثقافيا ودينيا وعرقيا أمرا مقدسا. عندئذ فقط يمكن فهم التغيير السياسي بوصفه انتقالا من وضع لآخر “
صدر عن مطبعة “الحمامة” بتطوان للدكتور ” عبد القادر بوطالب ” أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان كتاب جديدبعنوان ” طبيعة السلطة السياسية وآليات التغيير بالمجتمع المغربي“
توزعت هذه الدراسة السوسيولوجية إلى قسمين : حاول المؤلف في القسم الأول توصيف السلطة السياسية بالمجتمع
المغربي، وركز على فهم الثابت والتحول في علاقة المخزن بالمجال، إذ اعتبر أن هذه العلاقة تشكل مدخلا أساسيا لفهم وتحديد طبيعة المخزن، إذ انتقل من حالة كانت سمتها البارزة انقسام المجال بالمعنى السياسي والترابي إلى مرحلة تميزت بالوحدة المجالية والسياسية، والتي ابتدأت من اللحظة الاستعمارية وتستمر إلى يومنا هذا.
واعتبر الأستاذ ” بوطالب ” في هذا القسم على أن ذلك يعد مؤشرا للقول بسيادة الطابع البتريمونيالي للسلطة السياسية بالمجتمع المغربي حيث يسود التشابه بين الحكم السائد في المركز والهوامش وعليه تتشكل الثنائية المجالية.
أما في القسم الثاني فركز فيه المؤلف على آليات التغيير السياسي بالمجتمع المغربي، إذا انطلق من القول بأننا في المجتمع العربي
عموما، والمجتمع المغربي على وجه الدقة نعيش نفس الأطر المرجعية والتي تؤسس للسلطة السياسية بالمجتمع العربي والإسلامي…
وفي هذا الصدد حاول الأستاذ ” بوطالب ” أن يقيم مقارنة بين حركة العدل والإحسان المغربية وتجربة المهدي بن تومرت، سواء من حيث الممارسة والخطاب، ودون أن يعني ذلك أن هذه الحركة ستعرف النجاح أو الفشل، وغن كان موت زعيمها يعني نهاية أفقها السياسي بالمعنى الذي تحدث عنه، ولكنها قد تستمر كحركة سياسية ليس إلا.