لم يكن يتوقع أحد من منتسبي حزب العدالة والتنمية ولا أمينهم العام المعروف بضحكه ” الباسل ” داخل البرلمان وخارجه، وخرجاته الإعلامية التي لا يحسب لها ألف حساب قبل التفوه بكلمات أو بتصريحات في شأن معين، أن تجر عليه ” زلة لسان ” غضب مدينة بأكملها، ربما لأنه لا يدرك حتى الآن أنه رئيس حكومة دولة ذات سيادة، وكل كلمة تخرج من لسانه يتم وضعها في الميزان لمعرفة مدى تأثيرها في مجال من المجالات سواء السياسي أو الاقتصادي أو الشعبي.
تصريحات هذا الأخير في لقاء داخلي لبرلمانيي حزبه في حق مدنية تطوان وساكنتها، والجميع يعرف بقية الحكاية، جرت على هذا الأخير ويلات لم يكن يتوقعها منذ توليه رئاسة الحكومة، وأججت غضب الشارع التطواني بكافة فئاته المثقفة والمتوسطة، الصغير والكبير، حتى أضحى ما قاله ” بنكيران ” حديث المنازل والمقاهي.
شباب تطوان تجندوا بمختلف توجهاتهم السياسية والمستقلين وكل من لا تعنيه السياسة من قريب أو من بعيد، للرد على تصريحات بنكيران في حق مدينتهم، التي يهيمون في حبها حد الجنون، ولا يرضون لأي كان كيفما كان نوعه أن يدس على طرفها أو يتجاوز حدود اللباقة في الحديث عن ساكنتها، حتى بلغ الحد إلى رفع شعار واحد يطالب بإسقاط ” بنكيران ” خلال مباراة في كرة القدم، وربما هذا ما لا يفقهه ” مرشد ” العدالة والتنمية، ولا حتى برلمانييه في المدينة الذين عجزت ألسنتهم عن تبرير ” خطيئة ” زعيمهم، رغم محاولاتهم المتكررة التي لم تشفع لهم عند أبناء هذه المدينة.
ما يظهر جليا خلال الأيام الأخيرة أن حزب ” عبد الكريم الخطيب ” سواء في قيادته الوطنية أو المحلية بدأ يحس قدر الجريمة التي ارتكبها، خصوصا وأن الانتخابات الجماعية لم يتبقى على موعدها حسب ما يروج سنة واحدة، وبالتالي تجند مريدو بنكيران سواء في حزبه أو تنظيمه الطلابي للدفاع عن أمينهم العام، وتبرير زلة لسانه ولو أدى الأمر إلى السير على شاكلته باتهام ” العفاريت والتماسيح ” وكأننا نعيش في مملكة الغابة.
وآخر ما جادت به القريحة الفذة للبرلمانيين ” إدعمار وبوخبزة ” هو التحول صوب الهجوم بدل الدفاع، واتهام ” العفاريت والتماسيح ” والفاسدين بشن هجمة عشوائية هدفها الإساءة لحزب “الأطهار والشرفاء ” وكأن من يدافع عن مدنيته مدنس بتهمة التحالف مع الشيطان، وربما نسي الثنائي ” المرح ” أنهما لبسا ثوب زعماء الدول العربية الغير مأسوف على رحيلهم عندما اتهموا الشعوب الثائرة على جبروتهم بقيادة ” مؤامرة ” وهي نظرية يؤمن بها تيار الإسلام السياسي حتى النخاع كون أنهم يظنون وهم – واهمون – أن السماء ببركاتها وعنايتها هي من حملتهم لتحمل المسؤولية.
صفعة سكان تطوان على وجه ” بنكيران ” وحزبه ولمريديه بالمدينة، لا يمكن أن يمحيها الزمن، لأنها صفعة رد الاعتبار للحضارة والتاريخ والأصالة التي يجهلها ” شيوخ العدالة والتنمية ” لأن المغاربة عندما كانوا يدرسون التاريخ ويتعرفون على حضارتهم وتاريخ مدنهم العتيقة، كان هؤلاء منزوون في أماكن ظلامية يتعلمون كيفية تكفير العباد، وإحلال دمهم في دهاليز الشبيبة الإسلامية.
هذا حق أريد به باطل ، فإذا كان ابن الكيران أو إبن الطوبيسات قد أخطأ في حق تطوان فهذا لا يعني أن نسقط خطأه على كل أعضاء الحزب الذين هم بدورهم يستنكرون ما قاله
أما ما قال الكاتب أن النظرية التي يؤمن بها تيار الإسلام السياسي حتى النخاع كون أنهم يظنون وهم – واهمون – أن السماء ببركاتها وعنايتها هي من حملتهم لتحمل المسؤولية، فهذا غير دقيق و بعيد كل البعد عن الإيمان الحق بتدبير الله عز وجل، فالذي يتدبر قصة سيدنا موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام مع العبد الصالح (الخضر) وهو يعترض عليه ثلاثا في خرق السفينة، وقتل الغلام، وبناء الجدار يعلم ان لله أقدارا يحار فيها عقل المؤمن اللبيب ، ولكن لا تظن بالله الا خيرا، ولا بنفسك الا جهلا، فلا اعتراض على قضاء الله، ولا اتهام للقدر بل اخذ بالأسباب وترك النتائج لله سبحانه.
إلى منبر تطوان : ما قاله بنكيران يخصه بالفعل، ولكن لا أحد من أعضاء حزبه تجرأ وانتقد امينه العام، أو على الأقل استنكر تلك التعليقات في حق مدينتهم عملا بمبدأ السمع والطاعة لولي الأمر حتى ولو كان كلامه خاطإ، أما قضية أن السماء هي من حملتهم لتولي المسؤولية، فعليك دراسة تاريخ تيار الإسلام السياسي بعمق لتعرف معنى تلك الكلمة، وما قصدته بها. وعليك بكتب سيد قطب وكلام حسن البنا لتزيد من ثقيف نفسك في فهم الجماعات الدينية والأحزاب ذات التوجه الديني لمعنى السياسة وكيفية ممارستها.